مجالس متميزة

الخبر : مجالس متميزة
الكاتب : الإدارة





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


إن مواقف الصحابة رضي الله عنهم تشمل كل جوانب الحياة..
ولئن كانوا قد تفوقوا في المجال السياسي والإداري فإنهم تفوقوا في المجال التربوي..
وبهذا تأسى بهم علماء الدين من بعدهم وغيرهم من أهل التقوى والصلاح..


من هذه المواقف الكثيره.. وتلك الوقفات التربوية الشامخة.. استوقفني هذا الموقف الرائع ..
لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه..

::: الموقف :::

ومن ذلك ما أخرجه الإمام الطبري بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما..
أن عمر رضي الله عنه قال لناس من قريش:

(( بلغني أنكم تتخذون مجالس.. لا يجلس اثنان معاً حتى يقال: مَن صحابة فلان؟
من جلساء فلان؟ حتى تُحُومِيت المجالس..
وأيم الله إن هذا لسريع في دينكم سريع في شرفكم.. سريع في ذات بينكم..
ولكأني بمن يأتي بعدكم يقول: هذا رأي فلان..
قد قسموا الإسلام أقساماً.. أفيضوا مجالسكم بينكم.. وتجالسوا معاً فإنه أدوم لألفتكم
وأهيب لكم في الناس..
)) ...
تاريخ الطبري..


::: التعليق :::

في هذا النص المهم نجد إدراكاً مبكراً من أمير المؤمنين عمر لخطر الفرقة في الدين..
وهو الداء الذي عانت منه الأمة الإسلامية في تاريخها الطويل ومازالت كذلك..
وإنه لدلالة واضحة على أنه كان ملهماً محدثاً كما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم..

إن هذا الدين لايقوم إلا بالجماعة واجتماع الكلمة..
وقد يبدأ التفرق في الدين بأمر يسير لايقيم له الناس وزنا.. ولكنه يتطور وينمو حتى يكون
سبباً في التفرق والخلاف..

::: نظره مجهريه :::

لقد كان الصحابة في عهد عمر - كما جاء في هذا الخبر - يجلس بعضهم الى بعض
ويتخذون لأنفسهم مجالس معروفة.. يتم اجتماع الجلساء فيها حسب التآلف والانسجام..
ثم لا تلبث يسيرا حتى يُعرف كل مجلس بأبرز من يجلس فيه..
فيقال هذا مجلس فلان.. فلا يجلس فيه غالبا إلا أصحابه..
وهذا الأمر يبدو عاديا فيما إذا لم يكن هناك عداء لأصحاب المجالس الأخرى أو انتقاد لهم..
وهكذا كانت مجالس الصحابة رضي الله عنهم...

ولكن أمير المؤمنين عمر بحسَّه المرهف وادراكه الدقيق - بعد الهام الله اياه - أدرك أن
هذه المجالس المتميزة ربما تكون بداية خطر يجر على المسلمين شيئاً من التفرق والإختلاف..
ولقد أدرك أن التفرق في المجالس ربما يولد تفرقاً في الرأي..
فينسب كل رأي الى البارزين في تلك المجالس..
فيقال: هذا رأي فلان ويتعصب له أناس من المعجبين والأتباع..
وهذا يؤدي الى انقسام المسلمين.. وإذا كانت هذه الآراء في الدين فإن ذلك يؤدي الى
تقسيم الإسلام كما استنتج عمر رضي الله عنه..
فيكون بعض الإسلام منسوباً الى فلان وبعض الى فلان..
وهكذا يكون التفرق في الدين الذي نهى الله تعالى عنه..

ولقد حاول عمر بهذه الوصية العظيمة أن يجفف الجداول التي تنشطر من النهر العظيم..
حتى يتلاشى هذا النهر في الأخير ويصبح عدة جداول صغيرة لا شأن لها ولا وزن ولا سقايه..


::: وقفات تربويه :::

لقد منع عمر رضي الله عنه الصحابة من التميز في المجالس وأمرهم بأن يختلطوا فيها..
أتعلم لماذا؟؟؟
حتى تدوم ألفتهم وتبقى جماعتهم.. وتستمر هيبتهم في عيون أعدائهم..

إن أعظم غنيمة يغنمها المنافقون ويقدمونها لأعداء المسلمين هي...
أن يروا أبناء هذه الأمة متفرقين مختلفين.. وخاصة دعاة الإسلام منهم..

وإن أول أسباب التفرق والإنقسام ما أدركه عمر رضي الله عنه ..
من ميل المسلمين الى التميز والبروز والتفرق في مجالسهم..

إن النفوس تميل الى من تألف وتحب..
ولكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب وجود الجماعة المسلمة..
بل لا بد لكل مسلم أن يُكرِه نفسه على مالا تحب إذا كان في ذلك رفعة الإسلام
وتماسك الجماعة الإسلاميه..




عدد الإعجابات
تفاصيل اكثر
منذُ 8 سنة
1798
09-05-2009
10:50:39-AM
مواضيع ذات صله
مشاركة المحتوى

جميع الحقوق محفوظة لموقع جمعية الدعوة والإرشاد ببني عيسى (نور)