أساس البناء والأعمال




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

مــــن أراد علوَّ بنيانه.. فعليه بتوثيق أساسه وإحكامه وشدة الاعتناء به..
فإن علوَّ البنيان على قدر توثيق الأساس وإحكامه..

فــالأعــمــال والــدرجــات بنيان وأساسها الإيمان..
ومتى كان الأساسُ وثيقاً حَمَلَ البنيان واعتُلِيَ عليه..
وإذا تهدّم شيء من البنيان سهل تداركه..
وإذا كان البنيان غير وثيق لم يرتفع البنيان ولم يثبت..
وإذا تهدّم شيء من الأساس سقط البنيان أو كاد..

فــالــعــارف هــمّــتــه تصححُ الأساس وإحكامُه..
والــجــاهــل يرفع البناء من غير أساس.. فلا يلبث بنيانهُ أن يسقط ..
قال تعالى: ( أَفَمَن أَسَّسَ بُنيَانَهُ عَلَى تَقوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضوَانٍ خَيرٌ
أَم مَّن أَسَّسَ بُنيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَـارٍ فَانهَارَ بِهِ فيِ نَرِ جَهَنَّمَ
)..

فــالأســاس لــبــنــاء الأعمال كالقوّة لبدن الإنسان..
فإذا كانت القوة قوية حملت البدن ودفعت عنه كثيراً من الأفات..
وإذا كانت القوة ضعيفة ضعُفَ حملها للبدن وكانت الآفات إليه أسرع شيء..

فــأحــمــل بــنــيــانــك على قوّة أساس الإيمان..
فإذا تشعّث شيء من أعالي البناء وسطحه كان تداركه أسهل عليك من خراب الأساس..

وهــذا أســاس أمــران:
الأول : صحّة المعرفة بالله وأمره وأسمائه وصفاته..
والثاني: تجريد الانقياد له ولرسوله دون ما سواه.. فهذا أوثق أساس أسَّسَ العبدُ عليه بنيانه..
وبحسبه يعتلي البناء ماشاء..

فــأحــكِم الأســاس.. واحفظ القوة.. والقصدَ القصدَ وقد بلغت المراد..
فاقرِ السلامَ على الحياة فإنها *** قد آذنَتكَ بسرعة التوديعِ

فــإذا كــمــل الــبــنــاء..
فبَيِّضهُ بحسن الخلق والإحسان الى الناس..
ثم حُطهُ بسور من الحذر لا يقتحمه عدوّ ولا تبدو منه العورة..
ثم أرخِ الستورَ على أبوابه.. ثم أقفِلِ البابَ الأعظم - اللسان - بالسكوت عما تخشى عاقبته..
ثم ركِّب له مفتاحاً من ذكر الله به تفتحه وتغلقه.. فإن فتحتَ فتحتَ بالمفتاح..
وإن أغلقت الباب أغلقته به..
فتكون حينئذٍ قد بنيتَ حصناً تحصَّنتَ فيه من أعدائك..

أســــاس الأعــــمـــال..
هـــو الإيـــمـــان.. كلما زاد يعتلي البنيان وكلما نقص يقصر البناء ..
به تتثبت الأركان وبنقصه تتزعزع.. في قوته حصن منيع لا يخترقه الأعداء..
به تعلو الدرجات وتتفاضل الأعمال ويثقل ميزان الحسنات..

قال ابن القيم:
فتفاضل الأعمـــال عند الله بتفاضـــل ما في القلوب من الإيمــان والإخــلاص والمحبة وتوابعها ..

فلينظر أحدنا الى قدر الإيمان في قلبه وليرجع بهذا الى بنيانه..
فإن احتاج من الترميم شيء فليبادر قبل انهيار العمران وسقوط البناء..

لكم مني كل احترام وتقدير وإخاء..
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق والسداد الى كل خير وصلاح..

ملاذ الطير